الخطبة الخامسة لسيدنا إمام الله
يَنْهَى سَيِّدُنَا إِمَامُ الْلَّهِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ ، عَنِ اْلمُسَمَّى بِالتَّعْزِيَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَهِيَ إِقَامَةُ الْمَأْتَمِ يَوْمًا فَأَكْثَرَ، بَعْدَ مَوْتِ شَخْصٍ، عَلَى اْلوَجْهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَصْبِ السُّرَادِقَاتِ، وَاْلإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَيَجْتَمِعُ اْلإِخْوَانُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ.
بِسْمِ الْلَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اْلحَمْدُ الْلَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ.
) أَمَّا بَعْدُ (
فَمِنْ إِمَامِ الْلَّهِ الْمُخْتَارِ ، وَسَيِّدِ اْلعَالَمِينَ، إِلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الَّذِينَ هَاجَرُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَعَلَى أَهْلِكُمْ وَعِيَالِكُمْ، مُوجِبُةُ:
إِشْعَارُكُمْ فِي مَجْلِسِكُمْ الَّذِي يَضُرُّ صَاحِبَكُمْ، وَلاَ يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا، أَعْنِي مَجْلِسَ التَّعْزِيَةِ.
اِعْلَمُواْ أَنَّ التَّعْزِيَةَ أَيْ عَلَى اْلوَجْهِ الْمَعْرُوفِ اْلآنَ، لاَ تَجُوزُ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ فِي الشَّرْعِ، فَاجْتَنِبُواْ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَبَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ، وَرُجُوعِ الشُيَّاعِ، وَتَعْزِيَةِ اْلعِيَالِ وَاْلإِخْوَانِ، فَانْتَشِرُواْ، وَافْتَرِفُواْ إِلَى دِيَارِكُمْ.
فَمَنْ جَاءَ، وَعَزَّى، وَانْصَرَفَ دُونَ أَنْ يَجْلِسَ، أَكْثَرُ ثَوَابًا مِمَّنْ عَزَّى وَجَلَسَ. وَمَنْ عَزَّى وَجَلَسَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، أَكْثَرُ ثَوَابًا مِمَّنْ عَزَّى وَجَلَسَ وَشَرِبَ. وَمَنْ جَلَسَ وَشَرِبَ ثُمَّ انْصَرَفَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِمَّنْ جَلَسَ، وَشَرِبَ وَأَكَلَ. وَمَنْ جَلَسَ وَشَرِبَ وَأَكَلَ ثُمَّ انْصَرَفَ، أَكْثَرُ ثَوَابًا مِمَّنْ يَبْقَى هُنَاكَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. وَأَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، قَدْ لاَ يَطِيبَ ِلأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطَ فِيهِ الْحَلاَلُ وَغَيْرُ اْلحَلاَلِ ِلأَنَّ بَعْضَ اْلإِخْوَانِ يَطْلُبُونَهُ بِغَيْرِ اِسْتِطَاعَتِهِمْ، حَيَاءًا، وَخَوْفَ الذَّمِّ فَيَجْلِبُونَهُ مِنْ أَوْجُهِ الْحَرَامِ، وَالشُّبْهَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَسُبُّ بَعْضًا، لِعَدَمِ إِتْيَانِهِ بِتَعْزِيَتِهِ، أَوْ لِعَدَمِ حُضُورِهِ فِي الْمَجْلِسِ فَيَقُولُونَ: "لَمْ يَأْتِ فُلاَنٌ وَمَا رَأَيْتُ فُلاَنًا، وَفُلاَنٌ أَتَى وَلَمْ يُعْطِنَا شَيْئًا، وَفُلاَنٌ كَذَا وَكَذَا" وَذَلِكَ لَيْسَ بِحَسَنٍ، وَلاَ فِي اْلإِسْلاَمِ مِنْ شَيْءٍ. هُوَ غِيبَةٌ وَظُلْمٌ.
اِعْلَمُواْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، أَنَّ اْلغِيبَةَ حَرَامٌ، وَلاَ تَعَاوَنُواْ فِي اْلغِيبَةِ،وَالْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ وَالتَّعَايُبِ فَلاَ تَجْتَمِعُواْ فِي دَارِ الْمَيِّتِ بَعْدَ رُجُوعِ الشُّيَّاعِ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنِ الْمَيِّتِ فَلْيُحْضِرْ قَلْبَهُ، وَيَتَضَرَّعْ إِلَى الْلَّهِ سُبْحَانَهُ، بِالدُّعَاءِ لَهُ فِي بَيْتِهِ، بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ.
وَأُوصِيكُمْ بِاْلإِجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ الْلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلاَ تَحْرِصُواْ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ِلأَنَّهَا بَاطِلَةٌ، فَاتْرُكُوهَا وَرَاءَكُمْ، وَكُونُواْ مِنَ الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ اْلغَافِلِينَ فِي طَاعَةِ الْلَّهِ وَرَسُولِهِ وَاْلأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، ِلأَنَّ اْلآمِرِينَ لِلَّهِ وَالطَّائِعِينَ ِلأَمْرِ الْلَّهِ، هُمَا فِي ظِلَّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَأَيْضًا يَا قَاِرئُ بَلِّغْ هَذَا لِحَضَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ جَمِيعًا، وَبَلِّغْهُمْ مِنِّي سَلاَمًا كَثِيرًا يَهْدِيكُمُ الْلَّهُ عَافَاكُمُ الْلَّهُ نَجَّاكُمُ الْلَّهُ آمِينَ.
الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. ءامين.